للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقول من قال: إنها ظنّت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان فسخ العمرةَ, كما أمرَ أصحابَه, ولم يحل كما أحلوا، فبعيدٌ جدًّا, فإن هذا الظن إنما كان يظهر بإحلاله، فبه يكون معتمرًا، فكيف تظنّ أنه قد فسخَ بعُمَرة, وهي تراه لم يحلّ؟

وأما قول من قال: معناه لم تحلل بعمرة, و «مَن» بمعنى الباء (١)، فتعسُّفٌ ظاهر, وإضافة العمرة إليه تدل على أنها عمرة مختصة به هو فيها.

وأما قول من قال: معناه لم تحلل من العمرة التي أمرتَ الناسَ بها ففاسدٌ, فإنه كيف يحلّ مِن عمرةِ غيره؟ وحفصة أجلُّ مِن أن تسأل هذا السؤال (٢).

وأما قول مَن قال: إن هذه اللفظة غير محفوظة, ولم يذكرها عُبيد الله، فخطأ من وجهين، أحدهما: أن مالكًا قد ذكرها, ومالكٌ مالكٌ (٣). والثاني: أن عُبيدَ الله نفسَه قد ذكرها أيضًا, ذكره مسلم في «الصحيح» (٤) عن محمد بن المثنّى، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله, فذكر الحديثَ, وفيه: «ولم تحِلّ من عمرتك».

وقول مَن قال: مروية بالمعنى بعيدٌ أيضًا.

فالوجه الأخير أقربها إلى الصواب؛ وهو أنه ليس فيه إلا الإخبار عن


(١) ينظر «الاستذكار»: (١٣/ ٨٩)، و «شرح البخاري»: (٤/ ٢٤٨ - ٢٤٩) لابن بطّال، و «فتح الباري» (٣/ ٤٢٧).
(٢) ينظر «فتح الباري»: (٣/ ٤٢٧).
(٣) ينظر «حجة الوداع» (ص ٤٣٨)، و «التمهيد»: (١٥/ ٢٩٨).
(٤) (١٢٢٩).