للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما هذه الطريقة فلا يحتاج صاحبها إلى ركوب طريق النسخ، ولا تعسُّف أنواع العلل. وقد يظهر في كثير من المواضع، مثل هذا الموضع، وقد يَدِقّ ويلطُف فيقع الاختلاف بين أهل العلم. والله يُسعد بإصابة الحق من يشاء، وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

٦ - باب في الطِّيَرة

٤٧٩/ ٣٧٥٩ - وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عَدْوَى ولا صَفَرَ ولا هَامَةَ». فقال أعرابي: ما بالُ الإبل تكون في الرَّمْل كأنها الظِّباء، فيخالطها البعير الأجْرَبُ فيُجْربها؟ قال: «فمن أعْدَى الأَوَّلَ؟».

قال مَعْمَر: قال الزهري: فحدثني رجل عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَا يورِدَنَّ مُمرضٌ على مُصِحٍّ»، قال: فراجَعه الرجل فقال: أليس قد حَدَّثتنا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عَدْوى، ولا صفر، ولا هامة»؟ قال: لم أُحَدِّثكموه. قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حَدَّث به، وما سمعتُ أبا هريرة نسي حديثًا قط غيرَه».

وأخرجه البخاري ومسلم مطولًا ومختصرًا (١).

قال ابن القيم - رحمه الله -: ذهب بعضهم إلى أن قوله: «لا يورِد مُمرِض على مُصِحّ» منسوخ بقوله «لا عدوى»، وهذا غير صحيح، وهو مما تقدم آنفًا أن المنهيَّ عنه نوعٌ غيرُ المأذون فيه؛ فإن الذي نفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «لا عدوى ولا صفر» هو ما كان عليه أهل الإشراك من اعتقادهم ثبوت ذلك على قياس شركهم وقاعدة كفرهم. والذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن إيراد


(١) أبو داود (٣٩١١)، والبخاري (٥٧٠٧، ٥٧١٧، ٥٧٥٧، ٥٧٧٠ - ٥٧٧١، ٥٧٧٣ - ٥٧٧٥)، ومسلم (٢٢٢٠، ٢٢٢١).