للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل».

وأما ما رواه مسلم في «صحيحه» (١) من حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرقى، فهذا لا يعارض هذه الأحاديث، فإنه إنما نهى عن الرقى التي تتضمَّن الشرك وتعظيمَ غيرِ الله سبحانه، كغالب رقى أهل الشرك.

والدليل على هذا ما رواه مسلم في «صحيحه» (٢) من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرِضوا علي رُقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك».

وفي حديث النهي أيضًا ما يدل على ذلك، فإن جابرًا قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نَرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، قال: «فاعرِضوها عليّ»، فعرضوها عليه، فقال: «ما أرى بأسًا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه» رواه مسلم (٣).

وهذا المسلك في هذه الأحاديث وأمثالها فيما يكون المنهيُّ عنه نوعًا، والمأذون فيه نوعًا آخر، وكلاهما داخل تحت اسم واحد= مَن تفطّن له زال عنه اضطراب كثير. يظنه من لم يُحِط علمًا بحقيقة المنهي عنه من ذلك الجنس والمأذونِ فيه= متعارضًا، ثم يسلك مسلك النسخ، أو تضعيف أحد الأحاديث.


(١) برقم (٢١٩٩/ ٦٢).
(٢) برقم (٢٢٠٠).
(٣) برقم (٢١٩٩/ ٦٣) دون قوله: «فاعرضوها عليَّ»، فإنه عند ابن ماجه (٣٥١٥) والبيهقي (٩/ ٣٤٩) بنحوه.