للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: وأما قولكم: إن المنع منه إجماع، فكيف يصحّ دعوى الإجماع مع مخالفة حبر الأمة ابن عباس، وعالم المدينة مالك بن أنس؟ فثبت أنه لا نص في التحريم، ولا إجماع ولا قياس، وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة كما تقدم، والواجب عند التنازع: الرد إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فصل

وأما المسألة الثانية: وهي إذا انفسخ العقد بإقالة أو غيرها، فهل يجوز أن يأخذ عن دين السَّلَم عوضًا من غير جنسه؟ فيه وجهان (١):

أحدهما: لا يجوز ذلك حتى يقبضه ثم يصرفه فيما شاء. وهذا اختيار الشريف أبي جعفر، وهو مذهب أبي حنيفة (٢).

والثاني: يجوز أخذ العوض عنه. وهو اختيار القاضي أبي يعلى، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الشافعي (٣). وهو الصحيح، فإن هذا عوض مستقر في الذمة، فجازت المعاوضة عليه كسائر الديون من القرض وغيره.

وأيضًا: فهذا مال رجع إليه بفسخ العقد، فجاز أخذ العوض عنه، كالثمن في المبيع.

وأيضًا: فحديث ابن عمر في المعاوضة عما في الذمة صريح في الجواز.

واحتج المانعون بقوله: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره».


(١) انظر: «المغني» (٦/ ٤١٨)، و «الإنصاف» (١٢/ ٣٠٣ - ٣٠٤).
(٢) انظر: «بدائع الصنائع» (٥/ ١٨١).
(٣) انظر: «الأم» (٤/ ٢٧٦)