للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: وأما قولكم: إن هذا الدين مضمون له، فلو جوزنا بيعه لزم توالي الضمانين، فهو دليل باطل من وجهين:

أحدهما: لا توالي ضمانين هنا أصلًا، فإن الدَّين كان مضمونًا له في ذمة المُسْلَم إليه، فإذا باعه إياه لم يصر مضمونًا عليه بحال، لأنه مقبوض في ذمة المسلم إليه، فمِن أي وجه يكون مضمونًا على البائع؟ بل لو باعه لغيره لكان مضمونًا له على المُسْلَم إليه ومضمونًا عليه للمشتري، وحينئذ فيتوالى ضمانان.

الجواب الثاني: أنه لا محذور في توالي الضمانين، وليس بوصف مستلزم لمفسدةٍ يَحرُم العقدُ لأجلها. وأين الشاهد من أصول الشرع لتأثير هذا الوصف؟ وأيُّ حكم علق الشارع فساده على توالي الضمانين؟ وما كان من الأوصاف هكذا فهو طردي لا تأثير له. وقد قدمنا ذكر الصور التي فيها توالي الضمانين. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جوز المعاوضة عن ثمن المبيع في الذمة، ولا فرق بينه وبين دين السلم.

قالوا: وأيضًا فالمبيع إذا تلف قبل التمكُّن من قبضه كان على البائع أداء الثمن الذي قبضه من المشتري، فإذا كان هذا المشتري قد باعه فعليه أداء الثمن الذي قبضه من المشتري الثاني، فالواجب بضمان هذا غير الواجب بضمان الآخر؛ فلا محذور في ذلك.

وشاهده: المنافع في الإجارة، والثمرة قبل القطع، فإنه قد ثبت بالسنة الصحيحة التي لا معارض لها وضعُ الثمن عن [ق ١٨٨] المشتري إذا أصابتها جائحة، مع هذا يجوز التصرف فيها. ولو تلفت لصارت مضمونة عليه بالثمن الذي أخذه، كما هي مضمونة له بالثمن الذي دفعه.