للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تربح مرتين». فنحن إنما نُجوِّز له أن يعاوض عنه بسعر يومه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر في بيع النقود في الذمة: «لا بأس إذا أخذتَها بسعر يومها»، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جوَّزَ الاعتياض عن الثمن بسعر يومه لئلا يربح فيما لم يضمن.

وقد نص أحمد على هذا الأصل في بدل القرض وغيره من الديون: أنه إنما يعتاض عنه بسعر يومه لئلا يربح فيما لم يضمن.

وكذلك قال مالك: يجوز الاعتياض عنه بسعر يومه، كما قال ابن عباس، لكن مالك يستثني الطعام خاصة؛ لأن مِن أصله أن بيع الطعام قبل قبضه لا يجوز بخلاف غيره (١).

وأما أحمد، فإنه فرق بين أن يعتاض عنه بعرض أو حيوان أو نحوه، وبين (٢) أن يعتاض بمكيل أو موزون؛ فإن كان بعرض ونحوه جوَّزه بسعر يومه، كما قال ابن عباس ومالك، وإن اعتاض عن المكيل بمكيل، أو عن الموزون بموزون، فإنه منعه لئلا يشبه بيع المكيل بالمكيل من غير تقابض، إذ كان لم توجد حقيقة التقابض من الطرفين، ولكن جوزه إذا أخذ بقدره مما هو دونه، كالشعير عن الحنطة، نظرًا منه إلى أن هذا استيفاء لا معاوضة، كما يستوفى الجيد عن الرديء. ففي العرض جوَّز المعاوضة، إذ لا يشترط هناك تقابض، وفي المكيل والموزون منع المعاوضة، لأجل التقابض، وجوز أخذ قدر حقه أو دونه، لأنه استيفاء، وهذا من دقيق فقهه - رضي الله عنه -.


(١) انظر: «الموطأ» (١٩٢٧، ١٩٢٨).
(٢) الأصل: «دون»، والمثبت من (هـ).