للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام: ١٩]، وهذا يقتضي جوابًا: لا شيء أكبر شهادةً من الله, فالله أكبر شهادةً مِن كلّ شيء. كما أن قوله لعَديّ: "هل تعلم شيئًا أكبر من الله؟ " يقتضي جوابَ (١): لا شيء أكبر من الله, فالله أكبر من كلِّ شيء.

وفي افتتاح الصلاة بهذا اللفظ ــ المقصود منه: استحضار هذا المعنى, وتصورّه ــ سرٌّ عظيم يعرفه أهل الحضور, المصلّون بقلوبهم وأبدانهم. فإن العبد إذا وقف بين يدي الله عز وجل، وقد علم أنه لا شيءَ أكبر منه, وتحقَّق قلبُه ذلك, وأُشْرِبه سرّه= استحيى من الله, ومنعه وقاره وكبرياؤه أن يَشغَل قلبه بغيره. وما لم يستحضر هذا المعنى، فهو واقف بين يديه بجسمه, وقلبُه يهيم في أودية الوساوس والخَطَرات, وبالله المستعان (٢).

فلو كان الله أكبر من كل شيء في قلبِ هذا لما اشتغل عنه وصَرَف كُلّيةَ قلبِه إلى غيره, كما أن الواقف بين يدي المَلِك المخلوق لمَّا لم يكن في قلبه أعظم منه لم يَشغَل قلبَه بغيره ولم يصرفه عنه (٣).

فصل

الحكم الثالث: قوله "وتحليلها التسليم". والكلام في إفادته الحصر كالكلام في الجملتين قبله.

والكلام (٤) [في هذا اللفظ ودلالته] على شيئين: أحدهما: أنه لا ينصرف


(١) كذا في الأصل، وهو مضاف والجملة بعده مضاف إليه، وفي المطبوع: "جوابًا".
(٢) ينظر في الكلام على الخشوع "كتاب الصلاة" (ص ٣٣٩)، و"مسألة السماع" (ص ٨٦)، و"شفاء العليل": (٣/ ١١٥٥) جميعها للمؤلف.
(٣) ط. الفقي زيادة "صارف" والمعنى ظاهر بدونها.
(٤) بعده بياض بمقدار أربع كلمات وقدرناها بما بين المعكوفين، وقوله: "شيئين" مهمل فيحتمل "سببين". وأثبتها في ط. الفقي: "والكلام في التسليم على قسمين".