للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله - (١): وهذا الفرق إن صح فهو دليل على التسوية بين الأحياء والأموات في السلام، فإن المُسَلِّم على أخيه الميت يتوقع جوابه أيضًا. قال ابن عبد البر (٢): ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من رجلٍ يمرُّ بقبرِ أخيه كان يعرفه في الدنيا فيُسلِّم عليه إلا ردَّ الله عليه روحَه حتى يردَّ عليه السلام».

وفيه أيضًا نكتة حسنة، وهي أن الدعاء بالسلام دعاء بخير، والأحسن في دعاء الخير أن يُقدَّم الدعاء على المدعو له، كقوله تعالى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: ٧٣]، وقوله: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ} [مريم: ١٥]، وقوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: ٢٤]، وأما الدعاء بالشر: فيقدَّم فيه المدعو عليه على الدعاء غالبًا، كقوله لإبليس: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} [ص: ٧٨]، {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} [الحجر: ٣٥]، وقوله: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: ٩٨]، وقوله: {وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (٣)} [الشورى: ١٦].

وسِرُّه أنه في الدعاء بالخير يُقَدَّم اسم الدعاء المحبوب المطلوب الذي


(١) وقد بحث المؤلف هذه المسألة أيضًا في «بدائع الفوائد» (٢/ ٦٦٠ - ٦٦٣).
(٢) أخرج الحديث في «الاستذكار» (١/ ١٨٥)، وليس فيه تثبيته له. وقد صححه عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (٢/ ١٥٢ - ١٥٣)، وتعقبّه ابن رجب في «أهوال القبور» (ص ١٤١) بأنه غريب، بل منكر. انظر: «السلسلة الضعيفة» للألباني (٤٤٩٣).
(٣) في الأصل و (هـ): «أليم» سهو.