للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، وأن يُلحِقنا بهم، وأن يجعلنا لهم خلفًا، كما جعلهم لنا سلفًا، بمنه وكرمه.

٥٥٦/ ٤٥٣٠ - وعن يحيى بن يَعْمَر قال: كان أولَ من تكلَّم في القدر بالبصرة مَعبدٌ الجُهَنيُّ، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَري حاجَّيْن أو مُعْتَمرين، فقلنا: لو لَقِينا أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناهُ عَمَّا يقول هؤلاء في القدر؟ فوفَّقَ الله لنا عبد الله بن عمر داخلًا في المسجد، فاكْتَنَفْتُه أنا وصاحبي، فظننتُ أنَّ صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظَهَر قِبَلَنا ناسٌ يقرأون القرآن ويتقَفَّرون العلم (١)، يزعمون أن لا قَدَر والأمرَ أنُفٌ، فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أنِّي بَريءٌ منهم، وهم بُرآءُ مِنِّي، والذي يَحْلِف به عبد الله بن عمر لو أنَّ لأحَدِهم مثلَ أحُدٍ ذهبًا فأنفقه ما قَبِلَهُ الله منه حتى يُؤمن بالقدَرِ، ثم قال: حَدَّثني عمر بن الخطاب، قال: بَيْنا نحنُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ طَلَع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ شديدُ سوادِ الشَّعَر، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفر ولا يَعرفُه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسْنَدَ رُكبتيه إلى رُكبتيه ووضع كَفّيه على فَخِذَيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلام: أن تشهدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيمَ الصلاة، وتؤتيَ الزكاةَ، وتصومَ رمضان، وتَحُجَّ البيتَ إن استطعتَ إليه سبيلًا».

قال: صدقتَ، قال: فَعجِبنا له يسألُه ويُصَدِّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: «أن تؤمنَ بالله وملائكته


(١) «يتقفّرون» هكذا في مطبوعة «المختصر» ومخطوطته بتقديم القاف، أي يطلبون العلم ويتتبعونه، يقال: «قفر الأثر، واقتفره، وتقفّره» إذا اقتفاه وتتبّعه. وفي بعض نسخ «السنن» و «صحيح مسلم»: «يتفقّرون» بتقديم الفاء، أي يتعمّقون فيه ويستخرجون غامضه، مِن قولهم: «فَقَر البئرَ» إذا حفرها لاستخراج مائها، و «الفُقرة»: الحفرة في الأرض. انظر: «شرح مسلم» للنووي (١/ ١٥٥)، و «عون المعبود» (١٢/ ٣٠١)، و «تاج العروس» (قفر، فقر).