للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتصديقُ بعضها بعضًا.

فإن قيل: فهب أن هذا يتأتّى لكم في المحجوم، فما الموجِب لفطر الحاجم؟ قلنا: لمّا كان الحاجم يجتذب الهواء الذي في القارورة بامتصاصه، والهواء يجتذب ما فيها من الدم، فربما صعد مع الهواء شيء من الدم، ودخل في حلقه وهو لا يشعر، والحكمة إذا كانت خفيَّةً عُلِّق الحكم بمظِنَّتها، كما أن النائم لما كان قد يخرج منه الريح ولا يشعر بها عُلِّق الحكم بالمظنة، وهو النوم وإن لم يخرج منه ريح.

فإن قيل: فطرد هذا أن لا يُفْطِرَ الشارط. قلنا: نعم، ولا الحاجم الذي يشرط ولا يَمُصّ، أو يمصّه مفطر غيره، وليس في هذا مخالفة للنص، فإن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على الحاجم المعتاد، وهو الذي يمصّ الدم، وكلامه إنما يعم المعتاد، فاستعمال اللفظ فيه فقَصْرُه (١) على الحاجم المعتاد لا يكون تعطيلًا للنص، والله أعلم.

١٥ - باب الصائم يحتلم نهارًا في رمضان

٢٢٠/ ٢٢٧٢ - عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُفْطِرُ من قاء، ولا مَن احتلم، ولا من احتجم» (٢). (٣)


(١). كذا في الأصل، وفي ط. الفقي: «بقصره»، ولعل الصواب: «وقصره».
(٢). «سنن أبي داود» (٢٣٧٦) من طريق سفيان الثوري عن زيد بن أسلم به.
(٣). للمنذري تعليق على الحديث أشار إليه المجرّد ولكنه لم يصرّح أن المؤلف ساقه، ولذا لم نثبته، فإن ابن القيم قد ضمّنه في كلامه الآتي مع الزيادة والتحرير والترتيب والتهذيب. قارن بـ «المختصر» (٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩).