للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذا تمام تقرير هذا الحديث سندًا ومتنًا, ووجه الاحتجاج به.

* قال المانعون من التحديد بالقُلّتين:

- أما قولكم: إنه قد صحَّ سندُه, فلا يفيد الحكم بصحته؛ لأنَّ صحّةَ السندِ شرطٌ أو جُزءُ سببٍ للعلم بالصحة لا موجِبٌ تامّ, فلا يلزم من مجرّد صحة السند صحةُ الحديث ما لم ينتفِ عنه الشذوذُ والعلة, ولم ينتفيا عن هذا الحديث.

- أما الشذوذ، فإنّ هذا حديث فاصل بين الحلال والحرام, والطاهر والنجس, وهو في المياه كالأوسُق في الزكاة, والنُّصُب في الزكاة, فكيف لا يكون مشهورًا شائعًا بين الصحابة ينقله خلفٌ عن سلف, لشدة حاجة الأمة إليه أعظمَ من حاجتهم إلى نُصُب الزكاة؟ فإنَّ أكثر الناس لا تجب عليهم زكاة, والوضوء بالماء الطاهر فرض على كلِّ مسلم, فيكون الواجب نقل هذا الحديث، كنقل نجاسة البول ووجوب غسله, ونقل عدد الركعات, ونظائر ذلك.

ومن المعلوم أنّ هذا لم يروه غير ابن عمر, ولا عن ابن عمر غير عبيد الله وعبد الله, فأين نافع, وسالم, وأيوب (١) , وسعيد بن جُبير؟ وأين أهل المدينة وعلماؤهم عن هذه السُّنة التي مَخْرجها من عندهم, وهم إليها أحْوَج الخلق, لعزَّة الماء عندهم؟


(١) كذا في الأصل، و"أيوب" إذا أُطلق في طبقة التابعين فهو ابن أبي تميمة السَّخْتياني (ت ١٣١) من صغار التابعين، لم يُدرك ابن عمر ولا أرسل عنه. فلعله ذكره ــ إن لم يكن وهمًا ــ لأنه كان أطلبَ الناس لحديث نافع، ومِن أوثق مَن روى عنه.