للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن البعيد جدًّا أن تكون هذه السُّنّة عند ابن عمر وتَخْفى على علماء أصحابه وأهل بلدته, ولا يذهب إليها أحدٌ منهم, ولا يروونها ويديرونها بينهم. ومَنْ أنصفَ لم يخفَ عليه امتناع هذا, فلو كانت هذه السنة العظيمة المقدار عند ابن عمر لكان أصحابه وأهل المدينة أقْوَل الناس بها وأرواهم لها. فأيُّ شذوذٍ أبلغ من هذا؟

وحيث لم يقل بهذا التحديد أحدٌ من أصحاب ابن عمر عُلِم أنه لم يكن فيه عنده سُنّة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا وجه شذوذه.

- وأما عِلَّته فمن ثلاثة أوجه:

أحدها: وَقْف مجاهد له على ابن عمر, واختُلِف فيه عليه, واختُلِف فيه على عبيد الله أيضًا رفعًا ووقفًا. ورجَّح شيخا الإسلام أبو الحجَّاج المِزِّي, وأبو العباس ابن تيمية وَقْفه (١) , ورجح البيهقي في "سننه" (٢) وَقْفه من طريق مجاهد, وجعله هو الصواب.

قال شيخنا أبو العباس: وهذا كلّه يدلُّ على أن ابن عمر لم يكن يحدِّث به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن سُئل عن ذلك فأجاب بحضرة ابنه, فنقل ابنُه ذلك عنه.

قلت: [ق ١٣] ويدلّ على وقفه أيضًا: أن مجاهدًا ــ وهو العَلَم المشهور


(١) انظر "مجموع الفتاوى": (٢١/ ٣٥). لكنه سئل في موضع آخر (٢١/ ٤١) عنه فقال: "وأما حديث القلتين فأكثر أهل العلم بالحديث على أنه حديث حسن يحتج به، وقد أجابوا عن كلام من طعن فيه، وصنف أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي جزءًا رد فيه ما ذكره ابن عبد البر وغيره".
(٢) (١/ ٢٦٢).