للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«ووقع الفراغ منه في الحِجْر ــ شرَّفه الله تعالى ــ تحت مِيزاب الرحمة في بيت الله، آخرَ شوال سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (١)، وكان ابتداؤه في رجب من السنة المذكورة.

وتضرَّع كاتبه إلى الله تعالى في بيته أن يجعله زادًا له ولإخوانه من أهل السنة إلى جنَّته، وبلاغًا له ولهم إلى مرضاته، وعونًا لهم على طاعته، وسببًا لنيل مغفرته ورحمته، وأن يجعلهم من المؤتَمِّين به، المقدِّمين له على غيره، المحكِّمين له المتحاكِمين إليه عند التنازع، التاركين غيرَه له، ولا يجعلهم من التاركين له لغيره، إنّه سميع الدعاء وأهل الرجاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وصلى الله على فاتح باب الهُدى ومُخرِج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم وهاديهم إلى صراط العزيز الحميد، الذي أبان الله به المحجَّة، وأقام به الحجَّة، وأنار به السبيل، وأوضح به الدليل، وهدى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وأرشد به من الغيّ، وفتح به أعينًا عُميًا وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلفًا، فلم يدَع بابًا من أبواب الهدى والعلم إلا فتحه، ولا مُشكِلًا إلا أوضحه، ولا طريقًا تقرِّب إلى الجنة وتباعد من النار إلا بيَّنها، وأرشد أمَّته إليها ودلَّهم عليها، فاستغنى به الموفَّقون المهديُّون من أمته عن كل ما سواه، ولم يكن بهم إلى أحد سواه حاجة، ومن جاءهم بشيء من العلم عرضوه على قوله وسنته، فإن زكّاه قبِلوه وارتضَوه، وإن لم يزكِّه اطَّرحوه وتركوه، فهم الأغنياء به، المفتقرون إلى ما جاء به أشدَّ (٢) من افتقار الجسد والروح


(١) تحرّف في ط. المعارف إلى: «وتسع مائة».
(٢) ط. المعارف: «إلى ما حباه الله»، تحريف.