للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الممرض على المصح فيه تأويلان:

أحدهما: خشية توريط النفوس في نسبة [ق ٢١١] ما عسى أن يقدره الله تعالى من ذلك إلى العدوى، وفيه التشويش على من يورَد عليه وتعريضُه لاعتقاد العدوى، فلا تنافي بينهما بحال.

والتأويل الثاني: أن هذا إنما يدل على أن إيراد الممرض على المصح قد يكون سببًا لخلق (١) الله تعالى فيه المرض، فيكون إيراده سببًا، وقد يصرف الله سبحانه تأثيرَه بأسباب تضاده، أو تمنعه قوةَ السببية، وهذا محض التوحيد، بخلاف ما كان عليه أهل الشرك.

وهذا نظير نفيه سبحانه الشفاعة في القيامة بقوله: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٢٥٤]، فإنه لا تضاد الأحاديث المتواترة المصرحة بإثباتها، فإنه سبحانه إنما نفى الشفاعة التي كان أهل الشرك يثبتونها، وهي شفاعة يتقدم فيها الشافع بين يدي المشفوع عنده، وإن لم يأذن له.

وأما التي أثبتها الله ورسوله فهي الشفاعة التي تكون من بعد إذنه، كقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥]، وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨]، وقوله: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣]. والله الموفق للصواب.

* * *


(١) في الطبعتين: «يخلق»، والمثبت أقرب إلى رسم الأصل.