للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالمقنعة والجلباب ونحوهما، وهذا أصحّ القولين. فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سوى بين وجهها ويديها, ومنَعَها من القُفّازَين والنقاب, ومعلومٌ أنه لا يحرم عليها سَتْر يديها (١) , وأنهما كبدن المحرم يحرم سترهما بالمفصَّل على قدرهما وهما القفازان, فهكذا الوجه إنما يَحْرُم سَتْره بالنقاب ونحوه, وليس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حرفٌ واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام, إلا النهي عن النقاب, وهو كالنهي عن القُفَّازَين، [ق ٦٩] فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القُفّازَين إلى اليد سواء. وهذا واضح بحمد الله.

وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تُغطِّي وجهها وهي محرمة (٢) , وقالت عائشة: «كانت الركبانُ يمرون بنا, ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا حاذوا بنا سدلَتْ إحدانا جلبابَها على وجهها, فإذا جاوزونا كشفنا» ذكَرَه أبو داود (٣).

واشتراط المجافاة عن الوجه كما ذكره القاضي (٤) وغيره ضعيفٌ لا أصل له دليلًا ولا مذهبًا. قال صاحب «المغني» (٥): «ولم أر هذا الشرط ــ يعني المجافاة ــ عن أحمد ولا هو في الخَبَر, مع أن الظاهر خلافُه, فإن الثوب المسدولَ لا يكاد يسلم من إصابة البشرة, فلو كان هذا شرطًا لَبُيِّن,


(١) (ش): «بدنها» تصحيف.
(٢) أخرجه ابنُ خزيمة (٢٦٩٠)، والحاكم: (١/ ٤٥٣) وصححه على شرط الشيخين.
(٣) (١٨٣٣)، وأخرجه أحمد (٢٤٠٢١)، وابن ماجه (٢٩٣٥). وفي إسناده ضعف.
(٤) لم أره في «التعليقة» المطبوعة، وذكره عنه ابن قدامة في «المغني»، والزركشي في «شرح الخرقي»: (٣/ ١٤٠).
(٥) (٥/ ١٥٥).