للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نُعَيم بن حماد يقول: سمعت نوح بن أبي مريم يقول: كنا عند أبي حنيفة أوَّل ما ظهر، إذ جاءته امرأة من تِرمِذَ كانت تجالس جهمًا، فدخلت الكوفة ــ فأظنني أقلُّ ما رأيت عليها عشرة آلاف من الناس ــ تدعو إلى رأيها، فقيل لها: إن هاهنا رجلًا نظر في المعقول يقال له: أبو حنيفة فأْتِيه، فأتته وقالت: أنت الذي تعلّم الناس المسائل، وقد تركتَ دينك؟! أين إلهك الذي تعبده؟ فسكت عنها، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ثم خرج إلينا وقد وضع كتابًا: إن الله تعالى في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ}؟ قال: هو كما تكتب إلى الرجل: إني معك، وأنت غائب عنه (١).

قال البيهقي: فقد أصاب أبو حنيفة - رحمه الله - فيما نفى عن الله تعالى من الكون في الأرض، وفيما ذكر من تأويل الآية، وتبع [ق ٢٤٣] مطلقَ السمع في


(١) رواة إسناده ثقات عدا نوح بن أبي مريم، وهو وإن كان متروكًا ذاهب الحديث يقلب الأسانيد ويروي المناكير إلا أنه من خواص أصحاب أبي حنيفة، والحنفية لا يتهمونه فيما ينقل عن إمامهم بل يذكرون أنه أول من جمع فقهه، وأنه كان له مجلس لأقاويل أبي حنيفة، وأنه أحد الاثني عشر من أصحاب الإمام الذين أشار إليهم أنهم يصلحون للقضاء، ولمّا استقضي على مَرْوٍ في حياة شيخه كتب إليه بكتاب فيه موعظة وشروط القضاء. قلت: وعليه فروايته هذه عن شيخه ــ لاسيما وقد تضمّنت قصةً ــ مظنة الصدق والضبط، والله أعلم.
انظر: «تهذيب التهذيب» (١٠/ ٤٨٦)، و «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» (١/ ١٧٦)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٠).