للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه (١) تصحيحَ حديثه والاحتجاج به أحدٌ من أهل العلم، واستشهد به البخاري. ولم يروِ ما يخالف الثقات، بل روايته موافقة لحديث أبي رافع الذي أخرجه البخاري، ولحديث سمرة الذي صححه الترمذي، فجابر ثالث ثلاثة في هذا الحديث: أبي رافع، وسمرة، وجابر، فأي مطعن على عبد الملك في رواية حديث قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة؟

والذين ردُّوا حديثه ظنوا أنه معارض لحديث جابر الذي رواه أبو سلمة عنه: «الشفعة فيما لم يُقسَم، فإذا وقعت الحدود وصُرِّفت الطرق فلا شفعة».

وفي الحقيقة لا تعارض بينهما، فإن منطوق حديث أبي سلمة انتفاء الشفعة عند تميّز الحدود وتصريف الطرق واختصاص كل ذي مُلكٍ بطريق، ومنطوقُ حديث عبد الملك إثبات الشفعة بالجوار عند الاشتراك في الطريق، ومفهومه انتفاء الشفعة عند تصريف الطرق، فمفهومه موافق لمنطوق حديث أبي سلمة وأبي الزبير، ومنطوقه غير معارض له.

وهذا بيِّن، وهو أعدل الأقوال في المسألة، فإن الناس في شفعة الجوار طرفان ووسط، فأهل المدينة وأهل الحجاز وكثير من الفقهاء ينفونها مطلقًا، وأهل الكوفة يثبتونها مطلقًا، وأهل البصرة يثبتونها عند الاشتراك في حق من حقوق الملك، كالطريق والماء ونحوه، وينفونها عند تميز كل ملك بطريقه حيث لا يكون بين المُلّاك اشتراك. وعلى هذا القول تدل أحاديث جابر منطوقُها ومفهومُها، ويزول عنها التضاد والاختلاف، ويُعلَم أن عبد الملك لم يرو ما يخالف رواية غيره.


(١) «عليه» من (هـ).