للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي لفظ: «سَوِّ بينهم» (١).

وفي لفظ: «هذا جَور، أَشهد على هذا غيري» (٢). وهذا صريح في أن قوله: «أشهد على هذا غيري» ليس إذنًا، بل هو تهديد لتسميته إياه جورًا.

وهذه كلها ألفاظ صحيحة صريحة في التحريم والبطلان من عشرة أوجهٍ تؤخذ من الحديث. ومنها قوله: «أشهد على هذا غيري»، فإن هذا ليس بإذن قطعًا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأذن في الجور وفيما لا يصلح وفي الباطل، فإنه قال: «إني لا أَشهَد إلا على حق»، فدل ذلك على أن الذي فعله أبو النعمان لم يكن حقًّا، فهو باطل قطعًا.

فقوله: «إذًا أَشهِدْ على هذا غيري» حجة على التحريم كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا لم تستَحْيِ فاصنع ما شئت» (٣)، أي الشهادة على هذا ليست من شأني ولا تنبغي لي، وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح، وهذا في غاية الوضوح.

وقد كتبت في هذه المسألة مصنفًا مفردًا استوفيتُ فيه أدلتَها، وشُبَهَ (٤) من خالف هذا الحديث ونَقْضَها عليهم (٥)، وبالله التوفيق.


(١) أخرجه أحمد (١٨٣٥٩)، والنسائي (٣٦٨٦)، وابن حبان (٥٠٩٨)، بإسناد جيّد.
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٧٨)، وأبو داود (وهو حديث الباب)، وابن حبان (٥١٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٨٣) من حديث أبي مسعود البدري - رضي الله عنه -.
(٤) نسخة (ش): «بينته»، وط. الفقي: «بيّنت»، وكلاهما تصحيف.
(٥) وهو من مصنفاته المفقودة.