للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فالجواب: أن كثيرًا من أهل الحديث جعلوا هذه الرواية موهومة معلولة (١)، فإن الناس إنما رووه عن سفيان عن الزهري مثل ما رواه سائر الناس عنه (٢)، كمالك وغيره من غير تفصيل، كما رواه البخاري وغيره.

وقد رد أبو حاتم البُستي [ق ٢٠٩] هذا، وزعم أن رواية إسحاق هذه ليست موهومة برواية معمر عن الزهري فقال: «ذكر خبرٍ أوهم بعضَ من لم يطلب العلم مِن مَظانّه أنّ رواية ابن عيينة هذه معلولة أو موهومة»، ثم ساق (٣) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الحديث: «إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه».


(١) ومنشأ الوهم والعلة أن إسحاق بن راهويه قد روى عن عبد الرزاق عن معمر حديثه بالتفصيل، وروى أيضًا عن ابن عُيينة حديثه فحمله على حديث معمر ــ كما أشار إليه ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (٢/ ٧٢٣) ــ دون التنبّه لاختلاف ألفاظهما، ويدل على ذلك أيضًا أن الحديثين عنده متواليان في «مسنده» (٤/ ٢٠٤ - ٢٠٦).

وإسحاق من أحفظ أهل زمانه، ولم يُستغرَب من حديثه البالغ سبعين ألف حديث إلا حديثان هذا أحدهما، على أنه يَحتمِل أن يكون الوهم ممن رواهما عنه. انظر: «سير أعلام النبلاء» (١١/ ٣٧٣ - ٣٧٩).
(٢) ممن رواه عن سفيان: أحمد (٢٦٧٩٦)، والحميدي [البخاري (٥٥٣٨)]، ومسدّد [أبو داود (٣٨٤١)]، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وأبو عمار المروزي [الترمذي (١٧٩٨)]، وقتيبة [النسائي (٤٢٥٨)]، وعلي ابن المديني [الدارمي (٢١٢٨)]، وابن أبي شيبة (٢٤٨٧٧)، وأبو خيثمة [أبو يعلى (٧٠٧٨)] في آخرين؛ كلهم يرويه عن سفيان باللفظ المحفوظ من غير تفصيل.
(٣) برقم (١٣٩٣).