للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المُهلَّب (١): وقد يمكن أن يُتأوَّل لابن شهاب ما ينفي عنه الوهم ــ وإن كان الوهم أظهر ــ، وذلك يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عزم على اطِّراح خاتم الذهب اصطنع خاتمًا من فضة بدليل أنه كان لا يستغني عن الختم به على الكتب إلى البلدان والملوك وأجوبة العُمَّال وأمراء الأجناد، فلمّا لبس خاتم الفضة أراد الناس ذلك اليوم أن يصطنعوا مثله، فطرح عند ذلك خاتم الذهب فطرح الناس خواتيم الذهب. والتأليف بين الأحاديث أولى من حملها على التنافي والتضاد (٢).

قال ابن القيم - رحمه الله -: ويدل على وهم ابن شهاب: ما رواه البخاري في «صحيحه» (٣) من حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ذهب، فجعل فَصَّه مما يلي كفَّه، فاتخذه الناس، فرمى به واتخذ خاتمًا من ورق أو فضة». فهذا يدل على أن الذي طرحه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الذهب.

ويدل عليه: أن خاتم الفضة استمر في يده ولم يطرحه، ولبسه بعده أبو بكر وعمر وعثمان صدرًا من خلافته. وقال النسائي (٤): أخبرنا محمد بن


(١) نقله عنه ابن بطَّال في «شرح صحيح البخاري» (٩/ ١٣٠).
(٢) كلام المنذري مثبت من (هـ)، وفيه تصرّف يسير من المؤلف. ونقل المنذري لكلام ابن بطال ساقط من «المختصر» المطبوع، وموجود في مخطوطته (النسخة البريطانية).
(٣) برقم (٥٨٦٥).
(٤) في «المجتبى» (٥٢١٧) و «الكبرى» (٩٤٧٨) وفي إسناده لين من أجل المغيرة بن زياد، وهو مُتكلَّم فيه، ولكن قد تابعه عبيد الله عن نافع بنحوه مختصرًا عند البخاري (٥٨٦٦، ٥٨٧٣) ومسلم (٢٠٩١/ ٥٤).