للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأثبت منه، وأما الحديث الآخر ــ يعني هذا ــ فليس مما يُثْبِتُ أهلُ العلم بالحديث لو انفرد.

وفي هذا المسلك نظر؛ فإن البخاريّ روى في "صحيحه" (١) حديثَ ابن عباس كما سيأتي, وقال في آخره: "ثم أخذ غَرْفةً من ماء فرشَّ بها على رجله اليمنى حتى غسلها, ثم أخذ غَرْفة أخرى, فغسل بها ــ يعني رجله اليسرى ــ ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ".

المسلك الثاني: أنَّ هذا كان في أوّل الإسلام, ثم نُسِخ بأحاديث الغسل. وكان ابن عباس أوّلًا يذهب إليه, بدليل ما روى الدارقطني (٢): ثنا إبراهيم بن حمّاد، ثنا العباس بن يزيد، نا سفيان بن عيينة، ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل: أن عليّ بن الحسين أرسله إلى الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ يسألها عن وضوء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث وقالت: "ثم غسل رجليه"، قالت: وقد أتاني ابن عمٍّ لك ــ تعني ابنَ عباس ــ فأخبرتُه، فقال: "ما أجد في الكتاب إلا غَسْلتين ومَسْحتَين (٣) ". ثم رجع ابن عباس عن هذا لمَّا بلغه غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجليه, وأوجبَ الغُسلَ.

فلعلّ حديث عليّ وحديث ابن عباس كان في أول الأمر ثم نُسِخ. والذي يدلّ عليه أن فيه: "أنه مسح عليهما بدون حائل"، كما روى هشام بن


(١) (١٤٠).
(٢) في "السنن" (٣٢٠)، وأخرجه من طريقه البيهقي: (١/ ٧٢)، ورواه أبو عبيد في "الطهور" (٣٨٩) قال: وبلغني عن سفيان بن عيينة، وساقه بإسناده.
(٣) في الأصل والمطبوعات: "غسلين ومسحين" والتصحيح من "سنن الدارقطني" ومصادر التخريج.