للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إياها. وأما سليمان فقضى على أصحاب الغنم بالمثل، وهو أن يَعمُروا البستان كما كان، ثم رأى أن مُغَلَّه إلى حين عوده يفوت عليهم، ورأى أن مُغَلَّ الغنم يساويه، فأعطاهم الغنم يستغلونها حتى يعود بستانهم كما كان، فإذا عاد ردوا إليهم غنمهم (١).

فاختلف العلماء في مثل هذه القضية على أربعة أقوال:

أحدها: القول بالحكم السليماني في أصل الضمان وكيفيته، وهو أصح الأقوال وأشدُّها مطابقةً لأصول الشرع والقياس، كما قد بينا في كتاب مفرد في الاجتهاد (٢). وهذا أحد القولين في مذهب أحمد، نص عليه في غير موضع، ويُذكر وجهًا في مذهب مالك والشافعي.

والثاني: موافقته في النفش دون المثل، وهذا المشهور من مذهب الشافعي ومالك وأحمد.

والثالث: عكسه، وهو موافقته في المثل دون النفش، وهو قول داود وغيره (٣)، فإنهم يقولون: إذا أتلف البستان بتفريطه ضمنه بمثله، وأما إذا انفلتت الغنم ليلًا لم يضمن صاحبها ما أتلفته.

والرابع: أن النفش لا يوجب الضمان، ولو أوجبه لم يكن بالمثل بل


(١) بنحوه فسّره ابن عباس، ومُرَّة الهمداني (وروي عنه عن ابن مسعود ولا يصحّ)، وشريح القاضي، ومجاهد، وقتادة، والزهري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. انظر: «تفسير الطبري» (١٦/ ٣٢٠ - ٣٢٧).
(٢) وقد أحال عليه أيضًا في «مفتاح دار السعادة» (١/ ١٥٥). ولعله أفرده بالتأليف أوّلًا ثم ضمّنه في كتابه الحافل «أعلام الموقعين». انظر مقدمة تحقيقه (ص ٢٧ - ٢٨).
(٣) انظر «المحلى» (٨/ ١٤٠، ١٤٦، ١١/ ٤ - ٥).