(٢) هذا الاختصار من المؤلف يوهم أن جرّاح بن الضحاك تابع علقمة بن مرثد، وليس كذلك، وإنما اختُلف على علقمة في هذا الحديث، فرواه سفيان الثوري عنه بلفظ: «فما الإسلام؟» كما سبق في حديث الباب، وخالفه ابن أبي رَوَّاد وجرّاح ــ وهو مرجئ ــ فرواه عن علقمة بلفظ: «فما شرائع الإسلام؟»، وهذا اللفظ أوفق لاعتقاد المرجئة حيث لم يُذكر فيه الشهادتين وجُعلت المباني شرائعَ للإسلام، لا أنها هي الإسلام نفسه فينتفي بانتفائها. وأخرج العقيلي هذا الحديث في ترجمة ابن أبي روَّاد بعد أن ذكر طعن الأئمة فيه بالإرجاء، ثم قال: «وتابعه على هذه اللفظة أبو حنيفة وجرّاح بن الضحّاك، وهؤلاء مرجئة». وذكر مسلم في «التمييز» (ص ١٥٦) راويًا رابعًا ــ وهو سعيد بن سنان الكوفي ــ تابع هؤلاء المرجئة على زيادة هذه اللفظة، وطعَن مسلم في رواية جميعهم لمخالفتها رواية سفيان الثوري وعطاء بن السائب عن علقمة بلفظ: «ما الإسلام؟». ولكن ظاهر كلام أبي داود الذي تقدّم: «وعلقمة مرجئ» يقتضي أنه جعل الحمل على علقمة نفسه في هذا الاختلاف عنه، فلعله رواه مرة بذكر الشرائع ومرة دونها، وهو الأشبه، فإنه يَبعد أن يكون توارَد كلُّ هؤلاء المرجئة ــ وأكثرهم صدوق ــ على زيادة نفس اللفظة دون أن يكونوا سمعوها من علقمة. والله أعلم. (٣) برقم (١٧٣)، عن شيخه ابن خزيمة، وهو أول حديث في «صحيحه». وقد أخرجه مسلم (٨/ ٤) في المتابعات من هذا الطريق، ولكن لم يسُق لفظه بل اكتفى بقوله: «بنحو حديثهم».