للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أربعون، ودخلت في طور العَلَقة، وهذا أول تخليقه. والتقدير الثاني والكتابة الثانية: إذا كَمُل تصويره وتخليقه، وتقدير أعضائه، وكونه ذكرًا أو أنثى في الخارج، فيُكتَب مع ذلك عَمَلُه ورزقه وأجله، وشقاوته وسعادته.

فلا تنافي بين الحديثين، والحمد لله رب العالمين، ويكون التقدير الأول تقديرًا لما يكون للنطفة بعد الأربعين، فيقدر معه السعادة والشقاوة، والرزق والعمل، والتقدير الثاني تقديرٌ (١) لما يكون للجنين بعد تصويره، فيقدّر معه ذلك ويكتب أيضًا، وهذا التقدير أخص من الأول (٢).

ونظير هذا: أن الله سبحانه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم يقدر ليلة القدر ما يكون من العام لمثله، وهذا أخص من التقدير العام، كما أن تقدير أمر النطفة وشأنِها يقع بعد تعلقها بالرحم، وقد قدّر أمرها قبل خلق السموات والأرض.

ونظير هذا: رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى، فإن عمل العام يرفع في شعبان كما أخبر به الصادق المصدوق أنه: «شهر ترفع فيه الأعمال، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» (٣)، ويُعرَض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس كما ثبت ذلك في «صحيح مسلم» (٤)، وعمل اليوم يُرفَع في آخره


(١) كذا في الأصل، وفي الطبعتين بالنصب.
(٢) ذكر المؤلف هذا المعنى أيضًا في «طريق الهجرتين» (١/ ١٥٦ - ١٥٨)، و «شفاء العليل» (١/ ٢٦٢ - ٢٦٣) ط. الصميعي.
(٣) أخرجه أحمد (٢١٧٥٣)، والنسائي (٢٣٥٧)، وابن أبي شيبة (٩٨٥٨) من حديث أسامة بن زيد. حسَّن إسناده البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (٣/ ٨٤)، واختاره الضياء (٤/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٤) برقم (٢٥٦٥/ ٣٦) من حديث أبي هريرة.