وهذا أعدل الأقوال، وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب. وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة، وبعضهم في النار كما دل عليه حديث عائشة. وجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على هذا، فإنه قال:«الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم». ومعلوم أن الله لا يعذبهم بعلمه فيهم ما لم يقع معلومه، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه، وهو متعلَّق علمه السابق فيه، لا على علمه المجرّد، وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة.
وفي قوله:«الله أعلم بما كانوا عاملين» إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا، وأن من يطيعه وقت الامتحان [ق ٢٤٢] كان يطيعه لو عاش في الدنيا، ومن يعصيه حينئذ كان ممن يعصيه لو عاش في الدنيا. فهو دليل على تعلُّق علمِه بما لم يكن لو كان كيف كان يكون.