للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العرش، ولو كان بكلّ مكان لم يكن لهذا التخصيص معنى ولا فيه فائدة، وقد جرت عادة المسلمين خاصّتهم وعامّتهم (١) بأن يدعوا ربهم عند الابتهال والرغبة إليه ويرفعوا أيديهم إلى السماء، وذلك لاستفاضة العلم عندهم بأن المدعو في السماء سبحانه (٢). ثم ذكر قول من فسّر الاستواء بالاستيلاء وبيّن فساده.

وقال أبو الحسن الأشعري في كتاب «مقالات المصلين» (٣) له في باب ترجمته: «باب اختلافهم في الباري هل هو في مكان دون مكان، أم لا في مكان، أم في كل مكان؟ وهل حملة العرش ثمانية أملاك أم ثمانية أصناف من الملائكة؟ اختلفوا في ذلك على سبع عشرة مقالة». ثم قال: وقال أهل السنة والحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وإنه على العرش كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، فلا نتقدم بين يدي الله في القول، بل نقول: استوى بلا كيف، وإن له وجهًا كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: ٢٧]، وإن له يدين كما قال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، وإن له عينين كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤]، وإنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢]، وإنه ينزل إلى سماء الدنيا كما جاء في الحديث، ولم يقولوا شيئًا إلا ما وجدوه في الكتاب أو جاءت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقالت المعتزلة: إن الله استوى على عرشه بمعنى استولى.


(١) الأصل: «خاصّهم وعامّهم»، والمثبت من (هـ).
(٢) هنا ينتهي النقل من «شعار الدين» للخطابي.
(٣) (ص ٢١٠ - ٢١١) تحقيق هلموت ريتر.