للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو الحسن الأشعري - رحمه الله - أيضًا في كتاب «الموجز» (١): فإن قالوا: أفتزعمون أن الله في السماء؟ قيل له: قد نقول: إن الله عال فوق العرش مستوٍ عليه، والعرش فوق السماء، ولا نَصِفه بالدخول في الأمكنة والمباينة لها. وأما قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]، فإن معناه أنه إله أهل الأرض وأهل السماء، وقد جاءت الأخبار أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا، فكيف يكون (٢) فيها وهو ينزل إليها؟! كما جاءت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا.

فهذا الذي استقر عليه مذهب أبي الحسن في كل كتبه كـ «الموجز» و «المقالات» و «المسائل» و «رسالته إلى الثغر» (٣) و «الإبانة»: أن الله تعالى فوق عرشه مستوٍ عليه. ولا يُطلِق عليه لفظ المباينة لأنها عنده من لوازم الجسم والله تعالى منزّه عن الجسمية، فظن بعض أتباعه أنَّ نفيه للمباينة نفي للعلو والاستواء بطريق اللزوم، فنسبه إليه وقوّله ما هو قائل بخلافه، وهذا بيِّن لكل منصف تأمل كلامه وطالع كتبه.

[وختم أبو داود (٤) هذا الباب بحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن


(١) مفقود، ذكره ابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص ١٢٩)، ولم أجد هذا النقل منه في كتب شيخ الإسلام المطبوعة.
(٢) في الأصل: «يقول» سبق قلم.
(٣) كذا في الأصل، وفي الطبعتين: «إلى أهل الثغر»، وعلى كلا الوجهين وسمها شيخ الإسلام في تآليفه. وانظر (ص ٢٣٢ - ٢٣٤) منها لكلامه في إثبات العلو.
(٤) برقم (٤٧٢٧)، وصححه الذهبي وابن كثير وابن حجر في آخرين.