للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأرض واحدٌ أَعبدُك».

ولمَّا أُنشِدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شعر أمية بن أبي الصلت (١):

مَجِّدوا الله فَهْوَ للمجد أهل ... ربّنا في السماء أمسى كبيرا

بالبناء الأعلى الذي سبق الخلـ ... ـق وسوى فوق السماء سريرا

شرجع ما يناله بصر العَيْـ ... ـنِ ترى دونه الملائكَ صُوْرا (٢)

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آمن شعره وكفر قلبه» (٣). وروى عاصم عن زر عن


(١) شعره في «تأويل مختلف الحديث» للقُتَبي (ص ١١٩، ٣٩٦)، و «المجالسة وجواهر العلم» (١٢٢١)، و «ديوانه» المجموع (ص ٣٩٩ - ٤٠٠).
(٢) الشرجع: الطويل، والمراد هنا العالي المرتفع، وهو وصف للسرير، ولذا ورد منصوبًا في المصادر. وصُوْر: جمع أصور، وهو المائل العنق، والمراد حملة العرش، فقد روي عن عكرمة أنه قال: حملة العرش كلهم صور. أخرجه عبد بن حميد كما في «الدر المنثور» (١٣/ ٢٠).
(٣) لم أجده هكذا ــ أي بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لمّا أُنشِد هذه الأبيات بعينها ــ إلا عند الذهبي في «العلو» (١/ ٤٤٣) و «العرش» (٢/ ٥٩ - ٦٠) معلقًا، وتبعه المؤلف، وهو وهم منشؤه أن ابن قدامة ذكر في «العلو» (ص ١٤٧) ــ وعنه صدر الذهبي ــ هذه الأبيات الثلاثة على أنها مما اشتهر من شعر أمية ثم قال: «وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: آمن شعره وكفر قلبه»، ولم يَقُل ابن قدامة: إن هذه الأبيات بعينها أُنشِدها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما استدل بعموم مدحه - صلى الله عليه وسلم - لشعره الذي منه هذه الأبيات، وهو استدلال لطيف، لكنه أوهم من بعده فيما ترى.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «آمن شعره ... » مطلقًا دون ذكرٍ لأبيات معيّنة أُنشِدها النبي - صلى الله عليه وسلم -= أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (٣/ ٢٠٣) وابن عبد البرّ في «التمهيد» (٤/ ٧) بإسنادين واهيين بمرّة. وقد صحّ عند مسلم (٢٢٥٥) وغيره استحسانُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لشعر أمية واستنشاده حتى أنشده الشريد بن سويد - رضي الله عنه - مائة بيت منه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن كاد ليُسلم» أو «فلقد كاد يُسلم في شعره».