[السجدة: ٥]، وقال حكاية عن فرعون: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦ - ٣٧] كذَّب موسى في قوله إن الله فوق السماوات.
وقال عز وجل:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}[الملك: ١٦]، فالسماوات فوقها العرشُ، فلما كان العرشُ هو فوقَ السماوات، وكل ما علا فهو سماء= فالعرش أعلى السماوات، وليس إذا قال:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} يعني جميع السماوات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات؛ ألا ترى أن الله عز وجل ذكر السماوات فقال:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}[نوح: ١٦] ولم يُرِد أن القمر يملؤهن جميعًا؟
ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحوَ السماء، لأن الله تعالى مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطّونها إذا دعوا نحو الأرض».
ثم قال: «فصل: وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أنه استولى وملك وقهر، وأن الله في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة.
ولو كان هذا كما قالوا لكان لا فرق بين العرش والأرض السابعة، لأن الله قادر على كل شيء، والأرض فالله قادر عليها، وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم، فالله تعالى لو كان مستويًا على العرش بمعنى الاستيلاء فهو ــ