للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث أبي قيس.

مع أن المنازعين في المسح متناقضون, فإنهم لو كان هذا الحديث من جانبهم لقالوا: هذه زيادة, والزيادة من الثقة مقبولة, ولا يلتفتون إلى ما ذكروه هاهنا من تفرُّد أبي قيس. فإذا كان الحديث مخالفًا لهم أعلّوه بتفرُّد راويه, ولم يقولوا: زيادة الثقة مقبولة, كما هو موجود في تصرفاتهم!

والإنصاف: أن تَكْتال لمنازعك بالصاع الذي تَكْتال به لنفسك, فإنّ في كلِّ شيء وفاءً وتَطْفيفًا. ونحن لا نرضى هذه الطريقة, ولا نعتمد على حديث أبي قيس. وقد نصَّ أحمد على جواز المسح على الجوربين (١) , وعلَّل رواية أبي قيس. وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله, وإنما عمدته هؤلاء الصحابة وصريحُ القياس, فإنه لا يظهر بين الجوربين والخُفَّين فرقٌ مؤثِّر يصح أن يُحَال الحكم عليه. والمسح عليهما [ق ٢٥] قولُ أكثر أهل العلم، منهم من سَمَّينا من الصحابة, وأحمد, وإسحاق بن راهويه, وعبد الله بن المبارك، وسفيان الثوري، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري, وسعيد بن المسيب, وأبو يوسف. ولا يُعْرَف في الصحابة مخالفٌ (٢) لمن سَمَّينا.

وأما حديث أبي موسى الذي أشار إليه أبو داود, فرواه البيهقي (٣) من حديث عيسى بن يونس، عن أبي سنان عيسى بن سنان، عن الضحَّاك بن عبد الرحمن، عن أبي موسى قال: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الجَورَبين والنعلين".


(١) كما في "مسائل ابن هانئ": (١/ ١٧)، و"مسائل الكوسج": (٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨).
(٢) في الطبعتين: "ولا نعرف في الصحابة مخالفًا ... " خلاف الأصل.
(٣) (١/ ٢٨٤).