للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غُسلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما كانت تغتسل معه من الجنابة التي يشتركان فيها, لا من الحيض, فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يغتسل معها من الحيض. وهذا بيِّن.

وأما حديث أم سلمة الذي ذكره أبو داود وفيه: "واغمزي قرونك" فإنما هو في غُسل الجنابة. وعنه وقع السؤال كما هو مصرَّح به في الحديث.

فإن قيل: فحديث عائشة الذي استدللتم به ليس فيه أمرها بالغسل, إنما أمرها بالامتشاط, ولو سلمنا أنه أمرها بالغُسل فذاك غُسل الإحرام لا غسل الحيض, والمقصود منه التنظُّف وإزالة الوَسَخ, ولهذا تؤمر به الحائض حال حَدَثها. ولو سلمنا أنه أَمَر الحائضَ بالنقض وجب حملُه على الاستحباب جمعًا بين الحديثين, وهو أولى من إلغاء أحدهما والمصير إلى الترجيح.

فالجواب: أما قولكم ليس فيه أمْرُها بالغسل ففاسد, فإنه قال: "خذي ماءَك وسِدْرَك" وهذا صريح في الغسل, وقوله: "انقضي رأسك وامتشطي" أمرٌ لها في غسلها بنقض رأسها لا أمر بمجرَّد النقض والامتشاط. وأما قولكم: إنه كان في غسل الإحرام فصحيح, وقد بينَّا أن غُسل الحيض آكد الأغسال، وأَمَر فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بما لم يأمر به في سواه من زيادة التطهُّر والمبالغة فيه, فأَمْرُها بنقضِه ــ وهو غير رافعٍ لحَدَث الحيض ــ تنبيهٌ (١) على وجوب نقضه إذا كان رافعًا لحدَثِه بطريق الأولى.

وأما قولكم: إنه يُحْمَل على الاستحباب جمعًا بين الحديثين، فهذا إنما يكون عند ثبوت تلك الزيادة التي تنفي النقضَ للحيض, وقد تبين أنها غير


(١) (ش): "تعينه" تحريف.