للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال رجل: فأنكرتُ ذلك فنظرتُ إلى ابن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السنة.

فتأمل سندَ هذا الحديث وصحّتَه وشهادةَ نافعٍ بشهود أبي قتادة هذه الجنازة، والأميرُ يومئذ سعيد بن العاص، وإنما كانت إمْرَتُه في خلافة معاوية سنة ثمان وأربعين إلى سنة أربع وخمسين كما قدمناه، وهذا مما لا يشكّ فيه عوامُّ أهلِ النقل وخاصَّتُهم.

فإن قيل: فما تصنعون بما رواه موسى بن عبد الله بن يزيد: «أن عليًّا صلى على أبي قتادة, فكبَّر عليه سبعًا، وكان بدريًّا» (١). وبما رواه الشعبيّ قال: «صلى عليٌّ على أبي قتادة وكبّر عليه ستًّا» (٢).

قلنا: لا تجوز معارضةُ الأحاديث الصحيحة المعلومة الصحَّة بروايات التاريخ المنقطعة المغلوطة، وقد خطَّأ الأئمةُ روايةَ موسى هذه ومَن تابعه، وقالوا: هي غلط، قاله البيهقي (٣) وغيره. ويدلّ على أنها غلط وجوه:

أحدها: ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة المصرِّحة بتأخير وفاته وبقاء مُدَّته بعد موت عليّ.

الثاني: أنه قال: «كان بدريًّا»، وأبو قتادة لا يُعرَف أنه شهد بدرًا، وقد ذكر


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١١٥٧٨)، وابن المنذر في «الأوسط» (٥/ ٤٣٣).
(٢) أخرجه ابن المنذر في «الأوسط»: (٥/ ٤٣٣).
(٣) في «المعرفة»: (١/ ٥٥٨). وانظر «البدر المنير»: (٥/ ٢٦١ - ٢٦٢). وقال الحافظ في «التلخيص»: (٢/ ١٢٧) تعليقًا على كلام البيهقي: «وهذه علة غير قادحة لأنه قد قيل: إن أبا قتادة قد مات في خلافة عليّ، وهذا هو الراجح».