للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزهري قول أبي هريرة، وأيُّ تنافٍ بين الأمرين؟ بل كلاهما صواب, قاله أبو هريرة كما قال معمر، وقاله الزهري كما قال هؤلاء، وقاله معمر أيضًا كما قال أبو داود. فلو كان قول الزهري له علَّة في قول أبي هريرة لكان قول معمر له علة في قول الزهري, وأن نجعل ذلك كلام معمر.

وقوله: «كيف يصحّ ذلك عن أبي هريرة, وهو يأمر بالقراءة خلف الإمام؟» فالمحفوظ عن أبي هريرة أنه قال: «اقرأ بها في نفسك» وهذا مطلق ليس فيه بيان أن يقرأ بها حالَ الجهر. ولعله قال له يقرأ بها في السرِّ والسكتات, ولو كان عامًّا فهذا رأيٌ له خالفه فيه غيرُه من الصحابة، والأخذ بروايته أولى.

وقد روى الدارقطنيُّ والبيهقيُّ (١) من حديث زيد بن واقد، عن حرام بن حكيم ومكحول، عن نافع بن محمود: «أنه سمع عُبادة بن الصامت يقرأ بأمِّ القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة, فقلت: رأيتُك صنعتَ في صلاتك شيئًا؟ قال: وما ذاك؟ قلت: سمعتُك تقرأ بأمّ القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة؟ قال: نعم, صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الصلوات التي يُجْهَر فيها بالقراءة، فلما انصرف قال: «هل منكم من أحدٍ يقرأ شيئًا من القرآن إذا جهرتُ بالقراءة؟» قلنا: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا أقول: مالي أُنازَع القرآن؟ لا يقرأنَّ أحدٌ منكم شيئًا من القرآن إذا جَهَرتُ بالقراءة, إلا بأم القرآن». قال الدارقطني: إسناده حسن ورجاله ثقات.

قال البيهقي (٢): وزيد بن واقد ثقة, ومكحولٌ سمع هذا الحديث من


(١). الدارقطني (١٢٢٠)، والبيهقي: (٢/ ١٦٤).
(٢). في «معرفة السنن والآثار»: (٢/ ٥٣).