للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله -: والصوابُ أن ما أحرم به - صلى الله عليه وسلم -,كان أفضل, وهو القِران, ولكن أخبر أنه لو استقبل مِن أمره ما استدبر لأحرم بعمرة, وكان حينئذٍ موافقةً لهم في المفضول, تأليفًا لهم وتطييبًا لقلوبهم, كما ترك بناءَ الكعبة على قواعد إبراهيم, وإدخال الحِجْر فيها, وإلصاق بابها بالأرض, تأليفًا لقلوب الصحابة الحديثي العهد بالإسلام, خشيةً أن تنفر قلوبُهم.

وعلى هذا فيكون الله تعالى قد جمع له الأمرين: النُّسُك الأفضل الذي أحرم به, وموافقته لأصحابه بقوله: «لو استقبلت» فهذا بفعله, وهذا بتبيينه (١) وقوله, وهذا الألْيَق بحاله صلوات الله وسلامه عليه.

١٠١/ ١٧١٣ - وعن عطاء بن أبي رَباح قال: حدثني جابر بن عبد الله قال: «أهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج خالصًا، لا يُخالطه شيء، فقدمنا مكة لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجة، فطُفنا وسعينا، ثم أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَحلّ، وقال: لولا هَدْيِي لحللتُ، ثم قام سُراقة بن مالك فقال: يا رسول الله، أرأيتَ مُتْعتَنا هذه، لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل هي للأبد».

وأخرجه البخاريُّ ومسلم والنسائيُّ وابن ماجه (٢).


(١) كذا في الأصل و (ش، هـ)، وفي ط. الفقي: «بنيته»، ولعلها أقرب؛ لأن تبيينه هو فعله، والنية والقول هو ما يدل عليه قوله: «لو استقبلت ... »، ويؤيده ما في «بدائع الفوائد»: (٣/ ١١٧١) للمؤلف وفيه: « ... وعلى هذا فيكون الله تعالى قد اختار له أفضل الأنساك بفعله وأعطاه ما تمناه من موافقة أصحابه وتآلف قلوبهم بنيته ومناه فجمع له بين الأمرين».
(٢) أخرجه أبو داود (١٧٨٧)، والبخاري (٢٥٠٥)، ومسلم (١٢١٦)، والنسائي في الكبرى (٣٧٧٣)، وابن ماجه (٢٩٨٠).