للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان هذا تصريحًا منه بأن هذا الحكم ثابت أبدًا, لا ينسخ إلى يوم القيامة, ومَن جعله منسوخًا فهذا النصّ يردُّ قولَه.

وحَمْله على العمرة المبتدأة التي لم يُفْسَخ الحجُّ إليها باطل, فإنّ عمرة (١) الفسخ سبب (٢) الحديث فهي مرادة منه نصًّا, وما عداها ظاهرًا. وإخراجُ محلِّ السبب وتخصيصُه من اللفظ العامِّ لا يجوز, فالتخصيص وإن تطرَّق إلى العموم فلا يتطرَّق إلى محلِّ السبب. وهذا باطل.

السابع عشر: أن متعةَ الفسخ لو كانت منسوخةً لكان ذلك من المعلوم عند الصحابة ضرورةً، كما كان من المعلوم عندهم نسخ الكلام في الصلاة, ونسخ القبلة, ونسخ تحريم الطعام والشراب على الصائم بعد ما ينام, بل كان بمنزلة الوقوف بعرفة والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس, فإنَّ هذا من أمور المناسك الظاهرة المشترك فيها أهل الإسلام, فكان نسخه لا يخفى على أحد. وقد كان ابن عباس إذا سألوه عن فتياه بها يقول: «سنة نبيكم, وإن رَغِمْتُم» (٣) فلا يراجعونه. فكيف تكون منسوخةً عندهم وابن عباس يخبرهم (٤) أنها سنة نبيهم، ويفتي بها الخاصَّ والعامَّ, وهم يُقرِّونه على ذلك؟ هذا من أبطل الباطل.

الثامن عشر (٥): أن الفسخَ قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعةَ عشر من


(١) ط. الفقي: «عمدة» تصحيف.
(٢) رسمها في الأصل: «بسبب» والظاهر ما أثبت.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٤٤/ ٢٠٦)، وأحمد (٢٥١٣).
(٤) ط. الفقي: «يخبر».
(٥) هذا السرد لرواة الحديث مستفاد من كتاب «حجة الوداع» (ص ٣٨٩) لابن حزم.