للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثعلب (١): من قال «إن» بالكسر فقد عمّ, ومَن قال: «أن» بالفتح فقد خصّ.

ونظير هذين الوجهين والتعليلين والترجيح سواء قوله تعالى حكاية عن المؤمنين: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨] بكسر «إن» وفتحها. فمَن فتَحَ كان المعنى: «ندعوه لأنه هو البَرُّ الرحيم»، ومَن كَسَر كان الكلام جملتين, إحداهما قولهم: «ندعوه» , ثم استأنف فقال: «إنه هو البر الرحيم» , قال أبو عبيد (٢): والكسر أحسن, ورجَّحَه بما ذكرناه.

السادسة عشر: أنها متضمِّنة للإخبار عن اجتماع المُلْك والنعمة والحمد لله عز وجل, وهذا نوعٌ آخر مِن الثناء عليه, غير الثناء بمفردات تلك الأوصاف العَليَّة, فله (٣) سبحانه من أوصافه العُلى نوعا ثناءٍ: نوعٌ متعلِّق بكلّ صِفَةٍ صِفَةٍ (٤) على انفرادها, ونوعٌ متعلِّق باجتماعها، وهو كمالٌ مع كمال، وهو غاية الكمال, والله سبحانه يَقْرِن في صفاته بين المُلك والحمد, ويُنَوِّع هذا المعنى إذ (٥) اقتران أحدهما بالآخر من أعظم الكمال؛ فالملك وحدَه كمال, والحمد كمال، واقتران أحدهما بالآخر كمال, فإذا اجتمع المُلك المتضمِّن للقدرة مع النعمة المتضمِّنة لغاية النفع والإحسان والرحمة، مع


(١) ذكر قولَه الخطابي في «غريب الحديث»: (٣/ ٢٤٦)، وعياض في «المشارق»: (١/ ٤٣).
(٢) ينظر «إعراب القرآن» (ص ٨٨٧ - ٨٨٨) للنحاس، و «البحر المحيط»: (٨/ ١٥٠) لأبي حيان. وقرأ بفتح «أنّه» نافع والكسائي، والباقون بالكسر. ينظر «المبسوط» (ص ٣٥١) لابن مهران.
(٣) الأصل و (ش): «فإنه» ولعلها ما أثبت.
(٤) صحّح عليهما في الأصل مرتين.
(٥) ط. الفقي: «وسوغ ... أن» خطأ وتصرف في النص.