للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بهذا المعنى في قوله: «لا يحلّ لرجلٍ أن يسقي ماءَه زرعَ غيرِه» (١). ومعلوم أن الماء الذي يُسْقى به الزرع يزيد فيه, ويتكوّن الزرع منه, وقد شبَّه وطءَ الحامل بساقي الزرع الماءَ, وقد جعل الله تبارك وتعالى محلّ الوطء حرثًا, وشبَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحملَ بالزرع, ووطء الحامل بسَقْي الزرع.

وهذا دليلٌ ظاهر جدًّا على أنه لا يجوز نكاح الزانية حتى تُعْلَم براءةُ رَحِمها, إما بثلاث حِيَض, أو بحيضة، والحيضة أقوى؛ لأن الماء الذي مِن الزنا والحمل, وإن لم يكن له حُرْمة, فَلِماء الزوج حُرْمة, وهو لا يحلّ له أن ينفي عنه ما قد يكون مِن مائه ووطئه، وقد صار فيه جزءٌ منه, كما لا يحلّ لواطئ المسبية الحامل ذلك, ولا فرق بينهما.

ولهذا قال الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه: إنه إذا تزوَّج الأمةَ وأحْبَلَها ثم مَلَكها حاملًا= أنه إن وطئها صارت أمَّ ولدٍ له, تُعْتَق بموته, لأن الولد قد يلحق من مائه الأول والثاني (٢) , والله أعلم.


(١) أخرجه أبو داود (٢١٥٨)، والترمذي (١١٣١) وحسّنه، وابن حبان (٤٨٥٠) من حديث رُوَيفع بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه -.
(٢) ينظر: «المغني»: (١٤/ ٥٨٩)، و «المبدع»: (٦/ ٣٧١).