للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَرْثَكُمْ}.

ثم قال ابن القيم: وهذا الذي فسَّر به ابنُ عباس فسّرَ به ابنُ عمر، وإنما وهموا عليه لم يهم هو. فروى النسائي (١) عن أبي النضر أنه قال لنافع: «قد أُكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر: إنه أفتى بأن يُؤتَى النساءُ في أدبارها (٢). قال نافع: لقد كذبوا عليَّ, ولكن سأخبرك, كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض المصحفَ يومًا, وأنا عنده, حتى بلغ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:٢٢٣] قال: يا نافع, هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنَّا كُنّا معشر قريش نُجبِّي النساءَ, فلما دخلنا المدينةَ ونكحنا نساءَ الأنصار أردنا منهنَّ مثلَ ما كنا نريدُ مِن نسائنا, فإذا هُنَّ قد كرهنَ ذلك وأَعْظَمْنَه, وكانت نساء الأنصار إنما يؤتَيْن على جنوبهن, فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:٢٢٣]».

فهذا هو الثابت عن ابن عمر, ولم يَفْهم عنه مَن نقلَ عنه غيرَ ذلك.

ويدلُّ عليه أيضًا ما روى النسائي (٣) عن عبد الرحمن بن القاسم قال: قلت لمالك: «إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدِّث عن الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر. إنّا نشتري الجواري فنحَمِّض لهنّ, قال: وما التحميض؟ قال نأتيهن في أدبارهن, قال: أفّ!


(١) في «الكبرى» (٨٩٢٩)، والطحاوي في «بيان المشكل» (٦١٢٨).
(٢) كذا في الأصل و (ش، هـ)، وفي المصادر: «أدبارهنّ».
(٣) في «الكبرى» (٨٩٣٠)، وأخرجه الدارمي (١١٨٢)، والطحاوي في «بيان المشكل» (٦١٢٨) من طرق عن مالك به.