للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدها: أنه لو طلّقها عَقِبَ تلك الحيضة كان قد راجعها ليطلقها، وهذا عكس مقصود الرجعة, فإن الله سبحانه إنما شَرَع الرجعةَ لإمساك المرأة وإيوائها, ولَمّ شَعَث النكاح, وقَطْع سبب الفُرْقة, ولهذا سماه إمساكًا, فأمره الشارع [ق ٩٦] أن يمسكها في ذلك الطهر, وأن لا يطلِّقَ فيه حتى تحيض حيضةً أخرى, ثم تطهر, لتكون الرجعة للإمساك لا للطلاق.

قالوا: وقد أكَّدَ الشارعُ هذا المعنى, حتى إنه أمر في بعض طُرُق هذا الحديث بأن يمسّها في الطهر المتعقّب لتلك الحيضة, فإذا حاضت بعده وطَهُرت, فإن شاء طلّقها قبل أن يمسها, فإنه قال: «مُرْه فليراجعها, فإذا طهرت مسّها, حتى إذا طهرت أخرى, فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها».

ذكره ابنُ عبد البر (١) , وقال: الرجعةُ (٢) لا تكاد تُعْلَم صحتُها إلا بالوطء, لأنه المبتغَى من النكاح, ولا يحصل الوطء إلا في الطهر, فإذا وطئها حَرُم طلاقها فيه حتى تحيض ثم تطهر, فاعتبرنا مظنة الوطء ومحلّه, ولم يجعله محلًا للطلاق.

الثاني: أن الطلاق حُرِّم في الحيض لتطويل العِدّة عليها, فلو طلّقها عقب الرجعة من غير وطء لم تكن قد استفادت بالرجعة فائدة, فإن تلك الحيضة التي طُلِّقت فيها لم تكن تُحْتَسب عليها من العِدّة, وإنما تَسْتقبِلُ العِدّة من الطهر التي (٣) يليها, أو من الحيضة الأخرى على الاختلاف في الأقراء, فإذا طلَّقها عقب تلك الحيضة كانت في معنى مَن طُلّقت ثم راجعها


(١) في «التمهيد»: (١٥/ ٥٣ - ٥٤). وينظر «الاستذكار»: (١٨/ ١٥).
(٢) في «التمهيد»: «المراجعة».
(٣) كذا في الأصل و (هـ، ش).