للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: حكمته أن الطهر الذي بعد تلك الحيضة هو من حريم تلك الحيضة, فهما كالقُرْء الواحد, فلو شُرِع الطلاق فيه لصار كموقِعِ طلقتين في قُرْءٍ واحد, وليس هذا بطلاق السنة.

وقيل: حكمتُه أنه نهى عن الطلاق في هذا الطُّهْر, ليطول مقامه معها, ولعلَّه تدعوه نفسُه إلى وطئها, وذهاب ما في نفسه من الكراهة لها, فيكون ذلك حرصًا على ارتفاع (١) البغيض إلى الله, المحبوب إلى الشيطان, وحضًّا على بقاء النكاح, ودوام المودّة والرحمة، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثم ليطلقها طاهرًا»، وفي اللفظ الآخر: «فإذا طهرت فليطلقها إن شاء» هل المراد به انقطاع الدم, أو التطهر بالغسل, وما يقوم مَقامه من التيمم؟ على قولين (٢) , هما روايتان عن أحمد. أحدهما (٣): أنه انقطاع الدم، وهو قول الشافعي. والثانية: أنه الاغتسال.

وقال أبو حنيفة: إن طَهُرت لأكثر الحيض حلّ طلاقُها بانقطاع الدم, وإن طهرت لدون أكثره لم يحل طلاقها حتى تصير في حكم الطاهرات بأحد ثلاثة أشياء: إما أن تغتسل, وإما أن تتيمم عند العجز وتصلي, وإما أن يخرج عنها وقت صلاة, لأنه متى وُجِد أحدُ هذه الأشياء حكمنا بانقطاع حيضها.

وسِرّ المسألة: أن الأحكامَ المترتبة على الحيض نوعان:


(١) ط. الفقي: «ارتفاع الطلاق» ولا وجود لها في الأصل و (ش)!
(٢) ينظر للمسألة: «الأم»: (٢/ ١٣٩)، و «فتح الباري»: (٩/ ٣٥٠)، و «الإنصاف»: (١/ ٢٣٩).
(٣) كذا في النسخ، والوجه: «إحداهما» وقد مضى مثلها غير مرة.