للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحيض أم لا؟ مصنَّفًا مفردًا (١).

وقد احتجَّ بالحديث مَن يرى أن السنة تفريق الطلقات على الأقراء, فيطلِّق لكلِّ قُرء طلقة, وهذا قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين, وعن أحمد رواية كقولهم (٢).

قالوا: وذلك لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أمره بإمساكها في الطُّهْر المتعقّب للحيض, لأنه لم يفْصِل بينه وبين الطلاق طُهْرٌ كامل, والسُّنةُ أن يفصل بين الطلقة والطلقة قُرءٌ كامل, فإذا طَهُرت ثم حاضت ثم طهرت طلّقها طلقة ثانيةً (٣) , لحصول الفصل بين الطلقتين بطهر كامل. قالوا: فلهذا المعنى اعتبر الشارع الفصلَ بين الطلاق الأول والثاني.

قالوا: وفي بعض حديث ابن عمر: «السنة أن يُستقبَل الطهر, فيطلِّق لكلِّ قُرء» (٤). وروى النسائي في «سننه» (٥) عن ابن مسعود قال: «طلاق السنة: أن يطلقها تطليقةً، وهي طاهر في غير جماع, فإذا حاضت فطَهُرت طلَّقها أخرى, فإذا حاضت وطَهُرت طلقها أخرى, ثم تعتدَّ بعد ذلك بحيضة».

وهذا الاستدلال ضعيف, فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بإمساكها في الطهر الثاني, ليفرّق الطلقات الثلاث على الأقراء, ولا في الحديث ما يدلّ على


(١) ولم يُعثر عليه حتى الآن.
(٢) ينظر «بدائع الصنائع»: (٣/ ٨٨)، و «المغني»: (١٠/ ٣٢٦).
(٣) غير معجمة في الأصل، وفي ش كما أثبت وهو المناسب للمعنى، وفي الطبعتين: «بائنة».
(٤) أخرجه الدارقطني (٣٩٧٤)، والبيهقي: (٧/ ٣٣٠).
(٥) (٣٣٩٤)، وفي «الكبرى» (٥٥٥٧)، وأخرجه ابن ماجه (٢٠٢١).