للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدهما: حصر المبتدأ في الخبر إذا كانا مَعْرفتين، فإن الخبر لا بدّ وأن يكون مساويًا [ق ٥] للمبتدأ أو أعمَّ منه, ولا يجوز أن يكون أخصّ منه. فإذا كان المبتدأ معرّفًا بما يقتضي عمومه كـ"اللام" و"كل" ونحوهما، ثم أخبر عنه بخبر, اقتضى صحَّةُ الإخبار أن يكون إخبارًا عن جميع أفراد المبتدأ، فإنه لا فرد من أفراده إلا والخبرُ حاصلٌ له. وإذا عُرِف هذا لزم الحَصْر, وأنه لا فرد من أفراد ما يُفْتَتح به الصلاة إلا وهو الطهور. فهذا أحد الطريقين.

والثاني: أن المبتدأ مضاف إلى الصلاة, والإضافة تعُمّ. فكأنه قيل: جميع مفتاح الصلاة هو الطهور. وإذا كان الطهور هو جميع ما يُفْتَتح به، لم يكن لها مفتاح غيره.

ولهذا فهم جمهور الصحابة والأمة أن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] أنه على الحصر, أي: مجموعُ أجلهنّ الذي لا أجل لهنّ سواه: وَضْعُ الحمل. وجاءت السنةُ مفسرةً لهذا الفَهْم مُقرِّرةً له, بخلاف قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٢٨] فإنه فِعْل لا عموم له, بل هو مطلق.

وإذا عُرِف هذا ثبت أن الصلاة لا يمكن الدخول فيها إلا بالطهور. وهذا أدّل على الاشتراط من قوله: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحْدَثَ حتى يتوضأ" (١) من وجهين:

أحدهما: أن نفي القبول قد يكون لفوات الشرط وعدمه. وقد يكون لمقارنة محرَّمٍ يمنعُ من القبول, كالإباق، وتصديق العرَّاف، وشرب الخمر،


(١) أخرجه البخاري (١٣٥)، ومسلم (٢٢٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.