للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المنذري (١): قال الخطابي (٢): وأحسن ما سمعت في تأويل ما رواه أبو هريرة في هذا أن يكون ذلك محمولًا على النسخ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرَّمًا على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب. فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم ذلك اليوم لارتفاع الحظر المتقدم، فيكون تأويل قوله: «من أصبح جنبًا فلا صومَ له» أي مَن جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزئه صومُ غدِه، لأنه لا يصبح جنبًا إلا وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة [عين]، فكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن العباس على الأمر الأول ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع خبر عائشة وأم سلمة [صار إليه.

وقال الشافعي (٣): أخذنا بحديث عائشة وأم سلمة] (٤) زوجَي النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما روى أبو هريرة [عن رجل] عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعانٍ:

منها: أنهما زوجتاه، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل إنما يعرفه سماعًا أو خبرًا.

ومنها: أن عائشة مقدَّمة في الحفظ، وأن أم سلمة حافظة، ورواية اثنين أكثر من واحد.


(١). كلام المنذري أشار إليه المجرّد في حاشية الأصل بقوله: «ثم بعد أن كتب الشيخ هذا بخطّه، ذكره بعد [كذا، والصواب: ذكر بعده] كلام الحافظ المنذري، وهو مطوّل في حاشية المنذري، حكى فيه كلام الشافعي والخطابي». قلتُ: ليس في مطبوعة «المختصر» ما أشار إليه من كلام المنذري، وإنما هو في حاشية أصله الخطّي (ق ٢/ ١٧٢ - النسخة البريطانية)، فأثبتُّ منه ما حكاه من كلام الخطابي والشافعي، وما عداه فالمؤلف قد ضمّنه في ثنايا تعليقه.
(٢). في «المعالم» (٣/ ٢٦٥ - ٢٦٧)، وما بين الحاصرتين منه.
(٣). في «اختلاف الحديث» (١٠/ ١٨٧ - ١٨٩)، وما يأتي بين الحاصرتين فمنه.
(٤). ما بين الحاصرتين سقط من مخطوطة «المختصر» لانتقال النظر.