للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله -: قال المجوزون للفطر في مطلق السفر: هب أن حديث دحية لم يثبت. فقد أطلق الله تعالى السفر، ولم يقيِّده بحد، كما أطلقه في آية التيمم، فلا يجوز حدّه إلا بنص من الشارع أو إجماع من الأمة، وكلاهما مما لا سبيل إليه. كيف وقد قصر أهل مكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومزدلفة (١)، ولا تأثير للنسك في القصر بحال، فإن الشارع إنما علّق القصر بالسفر، فهو الوصف المؤثر فيه، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمى مسيرة البريد سفرًا في قوله: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بريدًا إلا مع ذي محرم» (٢).

وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، وهذا يدخل فيه كل سفر طويل أو قصير.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سافرتم في الخِصْب فأعطُوا الإبل حقَّها (٣) من الأرض،


(١). كما في حديث حارثة بن وهب الخُزاعي أنّه صلّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنًى ركعتين. أخرجه البخاري (١٠٨٣)، ومسلم (٦٩٦)، وأبو داود (١٩٦٥) في «باب القصر لأهل مكة» وقال: «حارثة من خزاعة، ودارهم بمكة».
(٢). أخرجه أبو داود (١٧٢٥)، والبزار (٨٥٢٠)، وابن خزيمة (٢٥٢٦)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢/ ١١٢ - ١١٤) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا. وقد تفرّد سهيل ــ وهو صدوق وليس بالحافظ ــ بذكر البريد، على اختلاف عليه في سنده ومتنه، والحفاظ يروونه عن أبي هريرة بلفظ: «مسيرة يوم وليلة» ونحوه. هكذا في «الصحيحين» وغيرهما. انظر: «التمهيد» (٢١/ ٥٣ - ٥٥)، و «الضعيفة» (٥٧٢٧).
(٣). كذا في الأصل، وهو لفظ أبي داود ورواية عند أحمد، ولفظ مسلم وغيره: «حظّها».