للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قوله تعالى: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: ٧] فلا تغليب هناك، لذكر النوعين وإضافة كل عدد إلى نوعه.

وأما السؤال الثاني، وهو اختصاص شوال، ففيه طريقان:

أحدهما: أن المراد به الرفق بالمكلَّف، لأنه حديث عهد بالصوم فيكون أسهلَ عليه. ففي ذكر شوال تنبيه على أن صومها في غيره أفضل، هذا الذي حكاه القرافي (١) عن المالكية، وهو غريب عجيب.

الطريق الثاني: أن المقصود به المبادرة بالعمل وانتهاز الفرصة خشيةَ الفوات. قال تعالى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣].

وهذا تعليل طائفة من الشافعية وغيرهم، قالوا: ولا يلزم أن يُعطى هذا الفضل لمن صامها في غيره، لفوات مصلحة المبادرة والمسارعةِ المحبوبة لله. قالوا: وظاهر الحديث مع هذا القول، ومن ساعده الظاهرُ فقوله أولى. ولا ريب أنه لا يمكن إلغاء خصوصية شوال، وإلا لم يكن لذكره فائدة.

وقال آخرون: لمّا كان صوم رمضان لا بدّ أن يقع فيه نوع تقصير وتفريط وهضمٍ من حقه وواجبه= ندب إلى صوم ستة أيام من شوال جابرةً له ومسدّدةً لخللٍ عساه أن يقع فيه. فجرت هذه الأيام مجرى سنن الصلوات التي تُفعل (٢) بعدها جابرةً ومكملة. وعلى هذا فتظهر فائدة اختصاصها بشوال. والله أعلم.


(١). «الفروق» (٢/ ٣٤١)، وأيضًا «الذخيرة» (٢/ ٥٣٠).
(٢). ط. الفقي: «يتنفّل بها»، وط. المعارف: «تنفّل»، والمثبت أشبه برسم الأصل.