للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفعل وعِظَمه وكثرةِ ثوابه، فتتوفر رغبته فيه.

وأما السؤال السادس، وهو الاستدلال به على استحباب صيام الدهر، فقد استدل به طائفة ممن يرى ذلك. قالوا: ولو كان صوم الدهر مكروهًا لما وقع التشبيه به، بل هذا يدل على أنه أفضل الصيام.

وهذا الاستدلال فاسد جدًّا من وجوه:

أحدها: أن في الحديث نفسه أن وجه التشبيه هو أن الحسنة بعشر أمثالها، فستة وثلاثون يومًا بسنة كاملة، ومعلوم قطعًا أن صوم السنة الكاملة حرام بلا ريب، والتشبيه لا يتم إلا بدخول العيدين وأيام التشريق في السنة، وصومُها حرام، فعلم أن التشبيه المذكور لا يدل على جواز وقوع المشبَّه به فضلًا عن استحبابه، فضلًا أن (١) يكون أفضل من غيره.

ونظير هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن عمل يعدل الجهاد؟ فقال: «لا تستطيعه. هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تقوم فلا تَفتُر، وتصوم فلا تُفطِر؟» قال: لا. قال: «فذلك مَثَل المجاهد» (٢). ومعلوم أن هذا المشبه به غير مقدور ولا مشروع.

فإن قيل: يُحمل قوله: «فكأنما صام الدهر» على ما عدا الأيام المنهيَّ عن صومها.

قيل: تعليلُه - صلى الله عليه وسلم - حكمةَ هذه المقابلة، وذِكرُه الحسنة بعشر أمثالها، وتوزيعُ الستة والثلاثين يومًا على أيام السنة= يُبطل هذا الحمل.


(١). في الطبعتين: «عن أن» خلافًا للأصل.
(٢). أخرجه البخاري (٢٧٨٥) ومسلم (١٨٧٨) بنحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.