للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد أخرجا في «الصحيحين» (١) من حديث كُرَيب عن ميمونة بنت الحارث أنها قالت: إن الناس شَكُّوا في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فأرسلَتْ إليه ــ يعني ميمونة ــ بحِلاب اللبن، وهو واقف في الموقف فشرب منه، والناس ينظرون.

فقيل: يَحتمِل أن تكون ميمونة أرسلت وأم الفضل أرسلت، كل منهما بقدح، ويحتمل أن تكونا مجتمعتين، فإنها أختها، فاتفقتا على الإرسال بقدح واحد، فينسب إلى هذه وإلى هذه.

فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أفطر بعرفة، وصح عنه أن صيامه يكفر سنتين، فالصواب أن الأفضل لأهل الآفاق صومه، ولأهل عرفة فِطْرُه لاختياره - صلى الله عليه وسلم - ذلك لنفسه، وعمل خلفائه بعده بالفطر، وفيه قوة على الدعاء الذي هو أفضل دعاء العبد، وفيه أن يوم عرفة عيد لأهل عرفة، فلا يستحب لهم صيامه.

وبعض الناس يختار الصوم، وبعضهم الفطر، وبعضهم يفرق بين من يضعفه ومن لا يضعفه، وهو اختيار قتادة (٢). والصيام اختيار ابن الزبير وعائشة (٣). وقال عطاء: أصومه في الشتاء، ولا أصومه في الصيف (٤). وكان


(١). البخاري (١٩٨٩)، ومسلم (١١٢٤).
(٢). ولفظه: لا بأس به إذا لم يَضْعُف عن الدعاء. نقله ابن المنذر في «الإشراف» (٣/ ١٥٦)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٢١/ ١٥٨) و «الاستذكار» (٤/ ٢٣٥).
(٣). أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٥٦٨، ١٣٥٧٠) عنهما. وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (١/ ٣٦٧ - مسند عمر) عنها وعن الزبير - رضي الله عنهما -.
(٤). أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧٨٢٢).