للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله -: والصحيح أن المراد صومُ التاسع مع العاشر لا نَقْلُ اليوم، لما روى أحمد في «مسنده» (١) من حديث ابن عباس، يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خالفوا اليهود، صوموا يوما قبله ويومًا (٢) بعده».

وقال عطاء عن ابن عباس: «صوموا التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود» ذكره البيهقي (٣). وهذا يبين أن قول ابن عباس: «إذا رأيت هلال المحرَّم فاعدد، فإذا كان يوم التاسع فأَصْبِح صائمًا» أنه ليس المراد به: أن عاشوراء هو التاسع، بل أمَره أن يصوم اليوم التاسع قبل عاشوراء.

فإن قيل: ففي آخر الحديث: «قيل: كذلك كان يصومه محمد [- صلى الله عليه وسلم -]؟ قال: نعم»، فدل على أن المراد به نقلُ الصوم، لا صومُ يوم قبله.

قيل: قد صرح ابن عباس بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، فدل على أن الذي كان يصومه هو العاشر، وابن عباس راوي الحديثين معًا، فقوله: «هكذا كان يصومه محمد [- صلى الله عليه وسلم -]» أراد به ــ والله أعلم ــ قولَه: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، فلما عزم عليه وأخبر أنه يصومه إن بقي قال ابن عباس: «هكذا كان يصومه»، وصدق - رضي الله عنه -، هكذا


(١). برقم (٢١٥٤)، ورواه أيضًا ابن خزيمة (٢٠٩٥)، من طريق ابن أبي ليلى، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جدّه. والإسناد ضعيف، ابن أبي ليلى سيئ الحفظ، وداود بن علي لا يُعرف بالحفظ والضبط. والصواب عن ابن عباس موقوفًا عليه، وسيأتي.
(٢). كذا في الأصل وبعض الأصول الخطية «للمسند» وفي بعضها: «أو يومًا». انظر «المسند» ط. المَكنِز (٢/ ٥٣٥).
(٣). «السنن الكبرى» (٤/ ٢٨٧) من طريق عبد الرزاق في «المصنف» (٧٨٣٩)، عن ابن جريج، عن عطاء. وهو إسناد صحيح.