للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيل: الفعل لا يدلّ على الوجوب. والأخذ عنه هو أن يفعل كما فعل على الوجه الذي فعل, فإذا كان قد فعل فعلًا على وجه الاستحباب فأوجبناه, لم نكن قد أخذنا عنه وتأسّينا به, مع أنه - صلى الله عليه وسلم - فعَلَ في حَجَّته أشياءَ كثيرة جدًّا لم يوجبها أحدٌ من الفقهاء.

فإن قيل: فما تقولون في حديث ابن عباس: "الطوافُ بالبيتِ صلاةٌ" (١)؟

قيل: هذا قد اختلف في رفعه ووقفه, فقال النسائي والدارقطني وغيرهما: الصواب أنه موقوف. وعلى تقدير رفعه, فالمراد تشبيهه بالصلاة, كما يُشبَّه انتظارُ الصلاة بالصلاة, وكما قال أبو الدرداء: "ما دمتَ تذكر الله فأنتَ في صلاة, وإن كنتَ في السوق" (٢). ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أحدَكم في


(١) أخرجه الترمذي (٩٦٠)، والدارمي (١٨٨٩)، وابن خزيمة (٢٧٣٩) وغيرهم مرفوعًا. والنسائي في "الكبرى" (٣٩٣١) موقوفًا.
قال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن ابن طاووس وغيره، عن طاووس، عن ابن عباس، موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب" وقد أعلّه أكثر النقّاد بالوقف كالنسائيِّ والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية.
وانظر "البدر المنير": (٢/ ٤٨٧ - ٤٩٨)، و"نصب الراية": (٣/ ٥٧)، و"التلخيص الحبير": (١/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٢) لم أجده عن أبي الدرداء، ونسَبَه شيخُ الإسلام إليه في "الفتاوى": (٣٢/ ٢٣٢)، ونسبه في موضع آخر منها (١٤/ ٢١٥)، وفي "شرح العمدة": (٢/ ٦) و"جامع المسائل ــ السادسة": (٦/ ٣١٥) إلى ابن مسعود. وأخرجه عن ابن مسعود أبو نعيم في "الحلية": (٤/ ٢٠٤) بلفظ: "ما دام قلب الرجل يذكر الله فهو في صلاة وإن كان في السوق، فإن يحرك به شفتيه فهو أعظم". ورُوي عن غيره.