للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجه الترمذي أيضًا مرسلًا، وقال: هذا أصح، وذكر أن أكثر أصحاب إسماعيل بن أبي خالد لم يذكروا فيه جريرًا، وذكر عن البخاري أنه قال: الصحيح مرسل. ولم يخرجه النسائي إلا مرسلًا.

قال ابن القيم - رحمه الله -: قال بعض أهل العلم (١): إنما أمر لهم بنصف العقل بعد علمه بإسلامهم، لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهرانَي الكفار، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره. وهذا حسن جدًّا.

[وفيه دليل على أنه إذا كان أسيرًا في أيديهم فأمكنه الخلاص بالانفلات منهم لم يحلَّ له المقام معهم.

وقوله: «لا تترايا (٢) ناراهما» قيل: لا يستوي حُكماهما. وقيل: إن الله تعالى قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز للمسلم أن يُساكن الكفار حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها (٣). وقيل: لا يتَّسِم المسلم بسِمَة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله. وقيل: لا يجتمعان في الآخرة. وفيه دليل على كراهية دخول المسلم دار الحرب للتجارة والمقام بها أكثرَ من ثلاثة أيام] (٤).


(١) هو الخطابي في «المعالم» (٣/ ٤٣٦)، وقد نقله المنذري أيضًا في «المختصر» كما في مخطوطته (النسخة البريطانية).
(٢) كذا في الأصل بالتاءين، وفي لفظ الحديث في «السنن»: «ترايا» بحذف تاء المضارعة تخفيفًا، نحو قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} أي تتلظّى.
(٣) في (هـ): «إذا أوقد نارًا كانوا منها بحيث يراها»، وفي «المختصر» (النسخة البريطانية): «إذا أوقدوا نارًا كانوا منهم بحيث يراها»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، ولكن المجرّد أشار إليه فذكر أن للمنذري أقوالًا في معنى الحديث، والمثبت من (هـ)، وهو اختصار للمؤلف لما في «مختصر المنذري» (ق ٢/ ٢٢١ - النسخة البريطانية).